• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

عاشوراء.. محطة كبرى في تأريخ الإنسانية

أسرة البلاغ

عاشوراء.. محطة كبرى في تأريخ الإنسانية

◄تعتبر ملحمة عاشوراء بما مثلته من قيم ومبادىء سامية، مدرسة للإنسانية على مرّ العصور، ومهما اختلفت أسماء الظلمة، وتصارع الحقّ والباطل. فهمي التُرجمان الحقيقي الواقعي للقرآن الكريم والتجسيد الحيّ للسنَّة المحمدية الأصيلة التي لا لبس فيها ولا تحويل.

لثد مثلت هذه النهضة بكل مراحلها المفاهيم الإسلامية كافة التي تنطلق من روح القرآن الكريم ووحي الرسالة، لذا فمن الطبيعي أن تكون ثمرة تلك الحركة الفوز والنجاح والنصر (انتصار الدم على السيف، وانتصار الحق على الطغيان والظلم، وانتصار الإنسانية على الهمجية والوثنية الفكرية).

إن تاريخ عاشوراء، ثورة الإمام الحسين (ع) لا يعني ارتباطها بالماضي حصراً، وإن كانت قد حدثت فيه فعلاً ضمن مفهومنا المعاصر، بل إن تاريخها يعني أزلية استمرارها. كما هي أزلية وجود الظلم والفساد، وأزلية تحقيق الإصلاح. مثلما أن ثوريتها تعني ضرورة وحتمية السعي نحو الإصلاح حتى وإن بلغت التضحيات ذروتها. فهي الثورة الإصلاحية الحية التي تفجرت لتصحح مسار الانحراف في الأمة الإسلامية، واستمر صداها يتخطى القرون عابراً الآفاق نحو المستقبل.

إنّ الهدف الأساس الذي كان منشوداً من وراء هذه النهضة هو الإصلاح، وهذا ما صرّح به الإمام الحسين (ع) في خطبته المشهورة التي يقول فيها: «إنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمة جدي (ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.. إلخ».

أعطى الإمام الحسين (ع) لنهضته بعداً إصلاحياً وأراد من الأمة أن تنظر بعين البصيرة والبصر، لأن الواقع الحقيقي الذي تعيشه الأمة في ظل الحكم الأموي الجائر، لا يمكن تغييره إلّا أن يكون هناك مصلحاً لا يعد شخصاً اعتيادياً بل يكون سيد هذه الأًمة في زمانه، وإمامها في وقته، ومرجعها الديني والفكري والروحي والعقائدي، وملاذها عند الفتن والشدائد وهو من يتحمل المسؤولية الشرعية الملقاة على عاتقه إذ يرى نفسه ملزماً بهذا الإصلاح، ومن جانب آخر أنّه كلما كان المضحي صاحب شأن، كلما كان صدى النهضة كبيراً ومدوياً مع العلم أن الإصلاح قد لا يؤتي ثمره آنياً بل إن هناك أهدافاً إصلاحية بعيدة المدى تصلح لكل مكان وزمان، ستحقق وإن طال أمد الجور والظلم والاستبداد.

لقد وقف الإمام (ع) في يوم كربلاء، ليجسد قيم القرآن الكريم في مواقف مشرِّفة، ألقت بإشراقاتها وإيحاءاتها على كلّ الأزمنة والأمكنة وما زالت. فقائد هذه الملحمة هو الإمام الحسين (ع) وهو الامتداد الروحي لشخص النبيّ الأكرم (ص) والمثال الحيّ لقيم النبوَّة والإمامة.

لقد استطاع الإمام الحسين (ع) أن يوقظ الضمير الإنساني ويؤثر فيه بإتجاه القيم الحقّة، والانتصار لها، وتحقيقها على أرض الواقع، كونها لم تحدّد بدين أو مذهب أو قومية معيّنة، بل كانت للإنسانية جمعاء. وقد أكد الإمام (ع) على أهمية طريق الحرّية وعدم الانسياق وراء الحاكم الظالم مهما كانت الأسباب، وعدم العيش كالعبيد، بل دعا (ع) إلى أن يكون الناس أحراراً في دنياهم، وقد انطلق بأهدافه هذه معلناً الحرب على الظلمة بقوله: «ألا وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».►

ارسال التعليق

Top